يتعين على اليمن وقف الهجمات على المحتجين
دعت منظمة العفو الدولية اليمن إلى أن توقف استخدام قواتها الأمنية القوة المفرطة عقب مهاجمتها المحتجين والصحفيين اليوم أثناء مشاركتهم في مظاهرات سلمية، حسبما ذكر، في أنحاء مختلفة من البلاد.
وتعليقاً على استخدام الشرطة العنف في اليمن، قال فيليب لوثر، نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “اليوم هو اليوم السادس، على التوالي، الذي تهاجم فيه السلطات اليمنية المحتجين السلميين المنادين بالإصلاح السياسي”.
ولا حاجة للقول إن لليمنيين حقاً مشروعاً في حرية التعبير، ولا يمكن قبول ما يواجهه المتظاهرون والصحفيون الذين يغطون الاحتجاجات من اعتداءات، بأي صورة من الصور.”
فقد أبلغت مصادر في اليمن منظمة العفو الدولية أن ما لا يقل عن 10 متظاهرين أصيبوا في صنعاء، وأن إصابات العديد منهم كانت في الرأس، حسبما ذكر، عقب إطلاق أفراد في قوات الأمن يرتدون الملابس المدنية الرصاص الحي عليهم عندما راحوا يطلقون شعارات تدعو الرئيس إلى التنحي.
وقال شهود عيان إن رجال أمن بملابس مدنية ومهاجمين وصفهم المحتجون بأنهم “بلطجية” قاموا بضرب المتظاهرين في العلن.
كما أبلغ ناشطون منظمة العفو الدولية أن مصوري فضائيتي “الجزيرة” و”العربية” تعرضوا للضرب على أيدي مهاجمين مجهولين قاموا، حسبما ذُكر، بتحطيم آلات التصوير التي يحملونها.
وقيل إن مصوراً لوكالة “أسوشييتد برس” تعرض للهجوم أيضاً وصودرت آلة تصويره من قبل رجال يلوحون بالسكاكين.
وجاءت هذه الهجمات عقب يوم واحد من مقتل أربعة رجال وجرح العشرات جراء فتح قوات الأمن النار على المحتجين السلميين في حي المنصورة، بعدن، عندما أطلق هؤلاء شعارات تطالب بالإصلاح وبتغيير النظام.
وورد أنه قبض على عشرات المحتجين وجرى اعتقالهم بمعزل عن العالم الخارجي في سجن المنصورة، ما أثار بواعث قلق من إمكان أن يتعرض هؤلاء للتعذيب ولغيره من ضروب المعاملة القاسية.
كما ورد أنه لم يسمح لأسر المعتقلين وأقاربهم بأن يزوروا المعتقلين.
وذُكر أن حي المصورة مطوّق بقوات الأمن، التي تمنع سكان عدن من الدخول إلى المنطقة.
وتحدث بعض هؤلاء الأهالي عن سماعهم أصوات إطلاق نار في المنطقة اليوم أيضاً.
ووفقاً لمصدر اتصلت بها منظمة العفو في اليمن، بدأ الاحتجاج في عدن أمس بصورة سلمية وكان كل شيء يسير دون حوادث خطيرة، في بداية الأمر، بينما كان أفراد من قوات الأمن المدنية يسيرون إلى جانب المظاهرة.
بيد أن المحتجين تعرضوا للهجوم عقب وصول قوات تابعة للأمن المركزي قامت بفتح النار عليهم، بحسب المصدر.
وأبلغ شاهد عيان منظمة العفو الدولية أنه وعقب الهجوم، قام رجال بملابس مدنية يعتقد أنهم من أفراد قوات الأمن أو من المتواطئين معها، بتحطيم الممتلكات.
وأضاف أن “رجالاً بملابس مدنية هاجموا المباني وحرقوا السيارات، ولكن هذا كان لمجرد خلق ذريعة للسلطات كي تستخدم القوة المفرطة”.
ومضى فيليب لوثر إلى القول: “يتعين على السلطات التحقيق في إطلاق النار على المحتجين وإصدار تعليماتها فوراً إلى جميع قوات الأمن بأنه لن يتم التساهل مع استخدام القوة المميتة عندما لا تكون حياة الأشخاص معرضة للخطر الداهم، وبأن المخالفين سوف يحاسبون على أفعالهم”
ومن المقرر أن ينظم اتحاد المحامين مزيداً من الاحتجاجات في أجزاء مختلفة من اليمن يوم الجمعة، 18 فبراير/شباط، للإعراب عن بواعث قلقهم بشأن ما تشهده البلاد من قمع.
وتذكِّر منظمة العفو الدولية السلطات اليمنية بالتزامها بعدم استخدم القوة ضد المحتجين الذين يوجهون انتقاداتهم للحكومة بصورة سلمية.
وقد شهد جنوب اليمن احتجاجات ضد ما يعتبره الأهالي تمييزاً من جانب الحكومة ضد الجنوبيين، واتخذت مظاهرات تطالب بانفصال الجنوب عن الجمهورية اليمنية منحى متصاعداً منذ 2007.
ومنذ فبراير/شباط2011، بدأ المحتجون، في عدن على وجه الخصوص، وعقب مظاهرات دعت في صنعاء ومدن أخرى إلى تنحي الرئيس، بالدعوة إلى تغيير النظام. كما تتواصل الاحتجاجات المطالبة بانفصال الجنوب في عدن وأجزاء أخرى من جنوب اليمن.
وجدير بالملاحظة أن الدستور اليمني يكفل حرية التعبير. بيد أن هذا الحق يتم تقويضه جراء القيود التي تفرضه جملة قوانين وممارسات، ولا سيما قانون الصحافة والمطبوعات لسنة 1990، وكذلك “محكمة الصحافة والمطبوعات المتخصصة”، التي أنشئت في مايو/أيار 2009. وعلى ما يبدو، فقد كان الهدف من إنشاء المحكمة قمع الرأي المخالف عن طريق ملاحقة القضايا التي تثار ضد منتقدي الحكومة عبر مسار استثنائي سريع.
وقد أصبحت الحكومة اليمنية أشد عصبية بصورة متزايدة حيال وسائل الإعلام المستقلة والانتقادات الموجهة إليها. وتلجأ على نحو تصعيدي إلى اعتقال الصحفيين والمحررين والناشرين وإلى احتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي وإساءة معاملتهم وحبسهم بتهم واهية عقب محاكمات جائرة.