منظمة العفو الدولية تحث السلطات التونسية على حماية المحتجين بعد نهاية أسبوع مأساوية
حثت منظمة العفو الدولية السلطات التونسية على ضمان سلامة المحتجين ضد الحكومة بعد ما ورد عن قتل قوات الأمن لثلاثة وعشرين شخصاً، على الأقل، في الاحتجاجات التي جرت في نهاية الأسبوع، ووسط التقارير التي وردت الاثنين عن مزيد من الوفيات.
ووفقاً للمعلومات التي تجمعت لدى منظمة العفو الدولية فإن قوات الأمن قد أطلقت النار على المتظاهرين في مدن تالة والقصرين والرقاب، في وسط تونس، في اشتباكات متزايدة العنف مع المحتجين الغاضبين من الأحوال المعيشية الراهنة، والبطالة والفساد.
وتقول الحكومة إن الشرطة أطلقت النار في دفاع عن النفس بعد أن هوجمت المباني العامة أثناء أعمال الاحتجاج التي استمرت يوم الاثنين.
ووفقاً للتقارير التي تلقتها منظمة العفو الدولية فإن قوات الأمن قد استخدمت الغاز المسيل للدموع، والذخيرة الحية في تفريق الجماهير. كما تلقت المنظمة المزيد من التقارير عن مصرع المحتجين في القصرين اليوم الاثنين.
وقالت حسيبة حاج صحراوي نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “ينبغي على السلطات الإسراع بتأمين سلامة المحتجين وإصدار التعليمات إلى قوات الأمن بضبط النفس وعدم استخدام القوة المفرطة ضدهم”. وأضافت: ” إن السلطات تدعي الدفاع عن النفس لكن تزايد عدد القتلى وصور قوات الأمن وهي تقمع التظاهرات تلقي بالشك على روايتها للأحداث”.
وورد أن أكبر عدد من القتلى كان في مدينة القصرين حيث بلغ عددهم ثلاثة عشر شخصاً في يومين.
وورد أن أربعة أشخاص لقوا مصرعهم من جراء إطلاق النار في القصرين يوم السبت. وحسب الشهادات التي جمعتها منظمة العفو الدولية فإن قوات الأمن قد أطلقت نيرانها يوم الأحد على المتظاهرين الذين احتشدوا في جنازة فتى، في السابعة عشرة من عمره، لقي مصرعه في اليوم السابق. وقد أدى ذلك إلى وفاة تسعة أشخاص آخرين.
وفي حادثة منفصلة، ورد أن خمسة أشخاص على الأقل قد قتلوا في مدينة تالة يوم السبت، بينما قتل خمسة آخرون بإطلاق النار عليهم ، كما أصيب الكثيرون بجراح، وذلك في مدينة الرقاب. وتخشى منظمة العفو الدولية من أن العدد الحقيقي للقتلى ربما زاد عن ذلك عندما يتضح مصير الأشخاص المفقودين.
وقالت حسيبة حاج صحراوي إنه “من الضروري أن تكشف السلطات عن التعليمات المعطاة للضباط بشأن التعامل مع الاحتجاجات، وهي تعليمات ينبغي أن تهدف إلى المحافظة على الأرواح البشرية”. ” وتحتاج السلطات أن تبدأ على الفور تحقيقاً دقيقاً ونزيهاً فيما وقع من وفيات. ويجب تحميل المسؤولية لكل من تثبت مسؤوليتهم عن استخدام القوة المفرطة أو الأمر باستخدامها”.
وقد تواصلت الاحتجاجات في تونس منذ منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي، عقب وفاة محمد بوعزيزي، وهو خريج جامعي عاطل عن العمل وفي السادسة والعشرين من عمره، وقد انتحر في بلدة سيدي بوزيد عندما صادرت الشرطة عربة الخضر والفواكه سالبة إياه مصدر دخله الوحيد.
وقد أشعل تصرفه اليائس هذا موجة احتجاجات بين أوساط التونسيين، من بينهم النقابيون والطلاب ونشطاء حقوق الانسان والمحاميون، الذين خرجوا إلى الشوارع مطالبين بفرص العمل وشروط معيشية أفضل ووضع نهاية للفساد.
وبينما بدأت تظاهرات كثيرة خالية من العنف، إلا أن بعضها تحول إلى العنف بما في ذلك قذف الحجارة وإحراق المباني الحكومية.
كما أثارت وفاة محمد بوعزيزي موجة من محاولات الانتحار وقد نجح العديد منها.
كما وردت أنباء عن احتجاز العشرات في أعمال الاحتجاج مع قيام السلطات باعتقالات جماعية وغارات ليلية. ومن بين المستهدفين بالحملة محامون وصحفيون وطلاب ومدونون.
وتسعى السلطات التونسية إلى فرض حظر على تناول وسائل الإعلام للاحتجاجات بتعطيل الاتصالات بالإنترنت وإغلاق البريد الإلكتروني للنشطاء المستخدمين للشبكة.
وقد علم أن ثلاثة من المدونين على الأقل قد تم القبض عليهم وهم: حمادي كلوشة وسليم أمامو وعزيز أمامي، وكانت مدونة عزيز أمامي وصفحته في موقع فيس بوك قد عطلتا منذ أن غطى أخبار المصادمات في سيدي بوزيد. كما ألقي القبض في الوقت ذاته على مطرب أغاني الراب حمادة بن عمور المعروف بالجنرال، لكن أطلق سراحه يوم الأحد.
وقد قالت حسيبة حاج صحراوي “إن السلطات التونسية لا تستطيع إعاقة الأدلة المتزايدة على الاستفزاز والعنف اللذين يستعملان في مواجهة من يمارسون حقهم في حرية التعبير ليس إلا”. ” ويجب على السلطات أن تفرج فوراً عن أولئك المحتجزين لمجرد محاولتهم الجهر بالقول، ومن بينهم المدونون الثلاثة”.
إن المعايير الدولية تقضي بعدم استخدام الأسلحة النارية إلا في الحالات التي لا يمكن تجنبها تحديداً، وعندها يكون ذلك بغرض حماية الأرواح فحسب. ويجب على الأشخاص المنفذين للقانون أن يمارسوا ضبط النفس ويقللون الخسائر والإصابات إلى الحد الأدنى ويحافظوا على الأرواح البشرية.
منظمة العفو الدولية – 10 يناير 2011